History Without Documents (Arabic)

في رواية صنع الله إبراهيم «اللجنة» (1981)، كُلِّف البطل غيرُ المُسمَّى بكتابة تقرير حول “النجم العربي” الأعظم، بعد تمكنه من الوصول إلى أرشيفات صحيفة وطنية يومية من خلال توصية شخصية، وبذل الراوي قصارى جهده؛ فيروي قائلاً: “فتحت الملف؛ فارتعشت أصابعي من الإثارة. أظهر (الملف) ورقة بيضاء مع تاريخ من أوائل الخمسينيات في أعلى الصفحة ولا شيء آخر، قلَّبتُها ورأيت ورقة مشابهة، بسرعة تفحصت الأوراق الموجودة في الملف ووجدت أنها تفتقر إلى كل شيء ما عدا التاريخ”. وبتدوين التواريخ، قام البطل بإحالتها إلى معلومات أخرى متاحة أكثر للجمهور في محاولة لإعادة بناء سردية للأحداث -لتجميع ما وصفه مؤرخ مصري ذات مرة بـ”تاريخ بلا وثائق”.
تاريخ بلا وثائق”.
يوضح مثال إبراهيم الأدبي معنيين لعبارة “تاريخ بلا وثائق”، أحدهما يشير إلى ما يسميه أشيل مبيمبي (Achille Mbembe) بـ”الآكل الزمني” (chronophagy) للدولة، أي الطريقة التي تَبَدد بها الماضي إما من خلال التدمير المادي للأرشيفات أو عرض تاريخ منقى من الخصومات ومُتجسِّد في حسابات تذكارية فارغة. المعنى الثاني يشير إلى التاريخ الذي قد نسعى إلى إعادة بنائه بسبب انعدام الوصول إلى مثل هذه الوثائق رغم ذلك. وهكذا، فإن الأرشيف يعمل بوصفه “تأسيسًا تخيليًّا” يسعى إلى إعادة تجميع ودفن أثر الموروث الذي يكون دائمًا غيرَ مكتملٍ، ولا سبيل إلى معرفته طوال الوقت، وجزئيًّا على الأقل، عرضًا لرغباتنا الخاصة على الدوام.

Youth as Peril and Promise (Arabic)

نشأ خطاب عام حول “أزمة الشباب” فى مصر فى الثلاثينيات من القرن الماضى جزئيًا بوصفه رد فعل للمظاهرات الطلابية واسعة النطاق فى عامى ١٩٣٥ و ١٩٣٦ التى أرهصت بظهور صورة الشباب بوصفهم ذواتًا سياسية متمردة. وكان الخوف من الشباب بوصفهم ذواتًا سياسية وجنسية جامحة إيذانًا بنشوء خطاب حول سيكولوجية المراهق. وبحلول منتصف الأربعينيات، تحولت ” المراهقة ” إلى مقولة تحليلية متميزة داخل الحيز التخصصى المؤسس حديثًا لعلم النفس وأعيد تشكيلها بوصفها مرحلة نفسية للضبط الاجتماعى والكبت الجنسى والتفسخ الوجودى. جماعية وجوانية وأصبحت المراهقة المدركة بوصفها زمانية فردية غير مسيّسة -مرحلة تتسم بالتقلب وعدم الاستقرار وترتبط بفكرة الجنسانية فى التحليل النفسى بوصفها طاقة خام ليبيدية، لتحل محل زمانيات جغرافيات جماعية أخرى. تلاحمت إذن تشكيلات خطابية جديدة، على سبيل المثال تلك الخاصة بعلم نفس متمحور حول الدوافع الجنسية اللاواعية والجوانية عميقة الغور، مع أنماط اجتماعية جديدة، مثل الحدث الجانح حول صورة المراهقة فى مصر ما بعد الحرب.

20th Annual Salon El Shabab: Youth, Art, and Controversy (Arabic)

كان احتدام النقاش حول اختيارات لجنة التحكيم الرسمية بصالون الشباب العشرين أمرا متوقعا، لكن أحدا لم يكن ليتنبأ بمدى اشتعال الجدل حول الاختيارات الفنية للّجنة. كانت المناقشة، التي حفلت بمباريات الصياح والانسحابات الميلودرامية والفنانين الغاضبين المحبطين، جديرة بالمشاهدة. ففي حين جلس ثلاثة من أعضاء لجنة تحكيم الصالون (بسام الباروني وحسن خان ووائل شوقي) بجوار محمد طلعت (مدير قصر الفنون التابع لوزارة الثقافة) في انتظار وصول رئيس اللجنة (أحمد شيحة) ورئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية (محسن شعلان) لبدء الندوة، تصاعد توتر الحضور. وأخيرا قام طلعت، بعدما أزاح اللافتات التي تحمل باقي الأسماء، بتقديم أعضاء اللجنة المتمردين إلى جمهور ينتظر بفراغ الصبر تفسيرا لاختيار 100 فنان فحسب من بين 1100 من المتقدمين، وهي سابقة في تاريخ الصالون. من الواضح أن المخاطرة كانت كبيرة- فالفنانون الشباب يتشبثون بأمل الاشتراك في الصالون بوصفه نقطة البداية الرسمية لمسيرتهم الفنية، كما أن أسلوب تصوير الإعلام السائد لقضية الشباب (والمناقشات المتواصلة حول “أزمة الشباب”) يتحكم في نظرة المجتمع المصري لمكانه في عالم الفن والتساؤلات المتعلقة بمستقبله في مرحلة ما بعد الاستعمار.